مجلة الأمن – العدد 550 – ديسمبر 2020م
ترجع أصول الراية، أو العَلَم إلى ما قبل الميلاد، حيث أجمع المؤرخون على أنَّ الملك «Wu Wang» مؤسس سلالة زو «the Zhou dynasty» في الصين كان أول من استخدم عَلَماً لتمييز عرشه في العام 1122 قبل الميلاد، وبعدها انتشرت فكرة رفع الرَّايات في مختلف أنحاء العالم، حيث استخدمت الأعلام بدايةً في الحروب لتحديد هوية الحلفاء، والأعداء في ميادين القتال، وتطور استخدامها عبر عقود إلى وضعها على السفن البحرية لتحديد هوية ملاكها من خلال شكل الراية المرفوع على ساريتها، وفي الوقت الراهن أصبح لكل دولة عَلَمٌ يميّزها عن غيرها من الدّول، وأصبح العَلَم بالنسبة لأي أُمّة رمزاً لهويتها الوطنية، وهذا الرمز يعني الكثير لدى أفراد الأُمّة، حيث بالإمكان أن يضحوا بوجودهم من أجل بقائه مرفوعاً عالياً، حيث صرَّح ديفيد إميل دوركايم «David Émile Durkheim»، عالم الاجتماع الفرنسي، بأن الجندي الذي يموت أثناء القتال من أجل إبقاء عَلَم بلاده مرفوعاً في ساحة المعركة يموت من أجل بلاده، ولكن في واقع الأمر، في وعي الجندي، العَلَم هو الذي يحتل المرتبة الأولى لديه.
بعد الهيمنة البريطانية على معظم أجزاء الساحل الجنوبي للخليج العربي في بدايات القرن الثامن عشر، وتوقيع المعاهدة العامة للسلام بين حُكام إمارات الساحل المتصالح (الاسم الذي كان يُطلق على حُكام الإمارات قبل الاستقلال) والحكومة البريطانية في 8 يناير 1820 والذي نصَّت المادة الثالثة منها على أن يحمل العرب المتصالحون في البر والبحر عَلَماً أحمر يضم حاشية بيضاء لتمييزهم عن القراصنة الذين كانوا ينشطون في مياه الخليج العربي آنذاك، وأتاحت المادة لهم خيار إضافة كتابة، أو رمز على هذا العَلَم، وعليه قامت كُل إمارة بإضافة اللون الأبيض على أعلامها الحمراء بصورة تختلف عن شكل أعلام الإمارات الأخرى؛ من أجل تمييز سفنها عن سفن غيرها، وبمرور السنوات أصبحت هذه الأعلام رسمية لكُل إمارة.
وفي أعقاب إعلان الحكومة البريطانية في عام 1968 انسحابها من منطقة الخليج العربي في عام 1971، بدأت مفاوضات لمُدَّة ثلاث سنوات بين حُكام الإمارات المتصالحة من أجل إنشاء دولة اتحادية تحمي مصالح رعاياهم على أراضيها، وتم الاتفاق على إنشاء لجنة لكتابة دستور هذه الدولة، والعمل على اختيار عَلَم وشعار لها، حيث نشرت جريدة الاتحاد في 12 أغسطس 1971 مسابقة برعاية حكومة أبوظبي لتصميم عَلَم الاتحاد، بحيث اشترطت في العَلَم أن يتكون من أربعة ألوان (الأبيض، والأحمر، والأخضر، والأسود) على أن يكون اللونان الأحمر والأبيض هما الغالبين عليه لارتباطه مع أعلام الإمارات السبع، حيث قُدّم لهذه المسابقة أكثر من ألف تصميم، وقع الاختيار على ستة تصاميم عُرِضت على المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، والذي اختار منها عَلَم دولة الإمارات العربية المتحدة الذي استطاع من خلاله أن يُوحّد أُمةً تحت رايته، وأن يجعل منه شارةً للفخر، ورمزاً للخير ليس على المستوى المحلي فقط ولكن على المستوى الدولي.