تأثير أنظمة الذكاء الاصطناعي الرقمية في مواجهة التحديات الأمنية

بـ almualladev

مجلة الأمن ـ العدد 620 ـ يونيو 2023م

في عام 1956 أُطلِق مُصطلح الذكاء الاصطناعي «Artificial Intelligence» الذي يُعرف باختصار «AI» من قبل جون مكارثي، أستاذ الرياضيات في جامعة ستانفورد، وهو أنظمة رقمية تُحاكي الكثير من القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها، وفي مقدمتها القدرة على التعلم والاستنتاج ورد الفعل بكفاءة ودقة وسرعة عالية، حيث تعمل الكثير من الدول المتقدمة على استخدام الذكاء الاصطناعي في أتمتة «Automation»* العمليات الإدارية والمهام الميدانية في قطاعاتهم العسكرية والأمنية، وذلك من أجل ضمان الدفاع عن حدود الدولة ومصالحها القومية، وحفظ أمنها الداخلي بشكل رقمي يتسم بالسرعة والدقة والاستمرارية.
من الناحية العسكرية، استطاعت تقنيات الذكاء الاصطناعي في الآونة الأخيرة أن تثبت أن المعارك العسكرية غير المتكافئة من ناحية حجم القوات أن تنجح في مقاومة القوى العسكرية الكبرى، فالحرب الروسية الأوكرانية كانت أول مثال عملي واضح على أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب، حيث استطاعت تقنيات الذكاء الاصطناعي في أنظمة القيادة الذاتية للمركبات العسكرية والزوارق البحرية والطائرات المُسيرة أن تحل محل العنصر البشري في مناطق النزاع الخطرة، فالطيران الحربي سابقاً كان يطير أثناء الحروب مدة 4 دقائق فقط لمسح مناطق تواجد قوات العدو خوفاً من التعرض للصواريخ المضادة للطائرات من قبلهم، أما اليوم وفي أتون الحرب تقوم الطائرات المُسيرة التي تعمل بواسطة الذكاء الاصطناعي بالإقلاع والطيران لمدة 24 ساعة، والهبوط دون تدخل بشري، حيث تقوم باستطلاع مناطق النزاع وإرسال المعلومات بصورة لحظية بعد تحليلها لقيادة القوات المسلحة من أجل اتخاذ القرار المناسب لمواجهة العدو.
وفي حفظ الأمن الداخلي، كانت القيادة العامة لشرطة دبي من أوائل القيادات العامة للشرطة بدولة الإمارات العربية المتحدة التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في العمل الأمني، حيث أولى معالي الفريق عبدالله خليفة المري، القائد العام لشرطة دبي، موضوع استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لمكافحة الجريمة نصب اهتماماته، وخصص إدارة عامة للذكاء الاصطناعي لتنفيذ توجيهاته، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، استطاعت شرطة دبي في فبراير 2023 أن تقبض على قاتل في منطقة الرفاعة خلال 3 ساعات فقط من ارتكابه الجريمة بواسطة استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وعليه، فإن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاعات العسكرية والأمنية لها مزايا حيوية للدول لمواجهة التحديات الأمنية التي تهدد من بقاءها على الساحة الدولية، حيث أصبح الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري والأمني للدول أداة جديدة تضاف إلى أدوات استراتيجية الردع لديها، لضمان عدم تعرضها للعدوان من قبل الدول الأخرى من جهة، والمحافظة على أمن واستقرار مجتمعاتها من جهة أخرى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الأتمتة تعني خلق نظام تقني يعمل على تحويل العمليات الإدارية والمهام اليدوية للسير والعمل بشكل رقمي تلقائي بتدخل بشري ضئيل أو من دون تدخل.

إقرأ المزيد

اترك تعليقاً