مجلة الأمن – العدد 547 – سبتمبر 2020م
منذ اكتشاف الهاتف في عام 1875 من قبل ألكسندر غراهام بيل والعلماء يحاولون تطويره، حيث استطاع مارتن كوبر من شركة «موتورولا» اختراع أوّل هاتف محمول في عام 1973، وأطلقت اليابان أول شبكة خلوية في العالم بتقنية الجيل الأول (1G) من خلال شركة «نيبون للتلغراف والتليفون» في عام 1979، حيث كانت الشبكة تعمل بنظام «analog system» الذي كان يحول الموجات الصوتية إلى إشارات كهرومغناطيسية، وكانت جودة الصّوت كبيرة في ذلك الجيل ولكنه لا يتمتع بالأمان، حيث كان بالإمكان التجسّس على المكالمات الهاتفية من خلال بعض الأجهزة اللاسلكية نظراً لعدم تشفير هذا النظام. وعليه تطورت أنظمة شبكات الهاتف الخلوي وخدماتها عبر أجيال متعاقبة إلى أن تم الوصول حالياً إلى شبكة الجيل الخامس (5G).
في الواقع، شكّلت شبكة الجيل الخامس جدلاً واسعاً في العلاقات الدولية بين الصين والولايات المتحدة، حيث استطاعت شركة «هواوي» الصينية، التي تعتبر أكبر مورد للبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العالم، ابتكار شبكة الجيل الخامس التي أدت لقفزة نوعية في التكنولوجيا الرقمية، نظراً لقدرتها على التعامل مع بيانات الأنظمة الخلوية أكثر بألف مرة من قدرة نظام شبكة الجيل الرابع الحالية، ويجمع الخبراء بأن شبكة الجيل الخامس ستصبح العمود الفقري لتقنية «The Internet of Things» التي من خلالها سيتم ربط المزيد من الآلات والأجهزة والتطبيقات الذكية مع بعضها بعضاً لتصبح جزءاً أساسياً من الثورة الاقتصادية والصناعية الجديدة وأحد عوامل تحسين جودة الحياة في القرن الواحد والعشرين، كالسيارات ذاتية القيادة وإجراء العمليات الجراحية عن بُعد، إضافة إلى أن شبكة الجيل الخامس زادت أهميتها مع التحول الجذري العالمي إلى العمل عن بُعد بسبب وباء فيروس كورونا المستجد COVID-19، حيث عانت بعض دول العالم من صعوبة الحصول على بنية تحتية رخيصة لهذه الشبكة، إلا أن الصين عرضت من خلال شركة «هواوي» بناء البنية التحتية لدول العالم بتكلفة قليلة وبجودة عالية، وعليه أثارت الولايات المتحدة الأمريكية مخاوفها لحلفائها بأن شركة «هواوي» قد تشكل تهديداً لأمنها القومي، حيث أن المادة 7 من قانون الاستخبارات الوطني الذي صدَّق عليه الحزب الشيوعي الصيني في يونيو 2017 تقر بوجوبْ تعاون المنظمات والمواطنين لدعم ومساعدة العمل الاستخباري الوطني، حيث ادعت الولايات المتحدة الأمريكية بأن الشركة وضعت ثغرة أمنية في أبراج وهوائيات تقوية شبكة الجيل الخامس تسمح من خلالها بنقل كافة البيانات التي تمر من خلالها للحكومة الصينية، والتي أصبح بإمكانها حسب ادعائهم التجسس على البنية التحتية للمعلومات الحيوية للدول التي تستخدم معدات الشركة، وأيضاً اصبح بمقدورها التنصت على الأشخاص الموجودين في المواقع الجغرافية الحساسة الواقعة عليها أبراج وهوائيات تقوية الشبكة كالقواعد العسكرية والمحطات النووية. لذا قامت عدة دول بمنع شركة «هواوي» من بناء البنية التحتية لشبكات الجيل الخامس على أراضيها كالمملكة المتحدة وأستراليا ونيوزلندا واليابان وسنغافورة.
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة تم مؤخراً تعيين رئيس تنفيذي للأمن السيبراني لحكومة الدولة الاتحادية، لأن الهجمات السيبرانية تقوّض من قدرة أي حكومة في الحفاظ على النظام الأمني الداخلي، وتقديم الخدمات المدنية والعسكرية للدفاع عن حدودها الوطنية، لذا صرَّح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بأن «أمن حكومتنا الرقمية هو جزء أساسي من أمننا الوطني الشامل .. وحماية حدودنا الوطنية الرقمية جزء لا يتجزأ من حماية كامل ترابنا الوطني».