مجلة الأمن – العدد 539 – ديسمبر 2019م
في الثاني من ديسمبر لهذا العام ستمر على دولة الإمارات العربية المتحدة ذكرى استقلالها الثمانية والأربعين عاماً، ففي صباح اليوم نفسه في عام 1971 تم توقيع وثيقة تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة ودستورها من قبل حكام الإمارات السبع، وتم رفع علمها من قبل المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في دار الاتحاد بإمارة دبي، في وقت كانت المنظومة الأمنية لهذه الدولة غير جاهزة للحفاظ على أمنها وحماية أراضيها، نظراً لعدم توحيد القوات الأمنية والعسكرية الموجودة في جميع إمارات الدولة في ذلك اليوم. حيث تم منح وزارة الداخلية في الحكومة الاتحادية لدولة الإمارات العربية المتحدة، بموجب المادة (3) من القانون الاتحادي رقم (1) لسنة 1972، مهمة حماية أمن الدولة الاتحادية مما يهددها من الداخل، وإنشاء وتنظيم قوات الأمن الاتحادية والإشراف عليها، والتنسيق وتوثيق التعاون بين قيادات الشرطة ومديرو الإدارات العامة للدفاع المدني للإمارات الأعضاء في الاتحاد. كما تم توحيد جميع القوات المسلحة التابعة للإمارات الأعضاء في الاتحاد تحت قيادة مركزية واحدة وهي القيادة العامة للقوات المسلحة في عام 1976، وتم تكليف القوات المسلحة الإماراتية بالمساهمة إلى جانب وزارة الداخلية في مهام حماية الأمن الداخلي للدولة من خلال القيام بتأمين حدود الدولة البرية والبحرية في عام 2001.
تطورت المنظومة الأمنية للدولة الاتحادية عبر تلك السنوات، حيث تم تأسيس المجلس الأعلى للأمن الوطني وتكليفه ببحث السياسات الخاصة بأمن الاتحاد وسلامته، كما تم تكليف هيئات اتحادية أخرى تساهم مع وزارة الداخلية في تعزيز الأمن الداخلي كالهيئة الاتحادية للهوية والجنسية، لتصبح دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول الأكثر أماناً في العالم استناداً على «تقرير التنافسية العالمية 2017-2018» الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، حيث استعانت الأجهزة الأمنية والعسكرية في الدولة بأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في العالم في مجال حفظ الأمن الداخلي، كما عملت تلك الأجهزة على تنفيذ العديد من المشاريع الرقمية المبتكرة والرائدة على مستوى العالم التي تسخر تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات في مجال حفظ أمن واستقرار الدول.
فعلى سبيل المثال وليس الحصر، قامت القيادة العامة لشرطة دبي بإطلاق العديد من التطبيقات والبرامج والأنظمة الذكية والمشروعات الريادية التي تساهم في حفظ أمن واستقرار المجتمع، كمنظومة «عيون» الأمنية، المشروع الذي أطلقته شرطة دبي بدعم ومشاركة القطاع الحكومي والخاص بإمارة دبي، حيث تحول المنظومة ما ترصده آلاف كاميرات المراقبة التابعة للجهات الحكومية والشركات الخاصة في الإمارة إلى بيانات، يتم تحليلها بواسطة الذكاء الاصطناعي في زمن قياسي، وتعطي تنبيهات لرجال الشرطة عند رصدها أي تحركات مشبوهة أو جريمة أو مخالفات مرورية في الإمارة في لحظتها وبدقة عالية، مما يعزز من أمن واستقرار المجتمع بالإمارة. حيث تم تطبيق منظومة «عيون» الأمنية في منطقة المرقبات بإمارة دبي منذ عام 2018، وساهمت تلك المنظومة في انخفاض نسبة معدل الجرائم في المنطقة إلى نسبة تجاوزت 60%.
إلا أنه رغم ذلك، فإن التحديات الأمنية لوصول دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الذكرى المئوية لتأسيسها تكمن في مواكبة التغيرات المستمرة في السياسة الدولية والتطورات في مجال الأبحاث والدراسات الأمنية المبنية على نظرية العلاقات الدولية، لأن نظرية العلاقات الدولية هي الأجدر على فهم وتفسير سلوك الدول حيال الحفاظ على مصالحها القومية التي يأتي ضمن أولوياتها ضمان أمن ورخاء شعبها من أجل البقاء.