لكي الجائحة تنحصِر … نلتزم لِننتصر

بـ almualladev

مجلة الأمن – العدد 548 – أكتوبر 2020م

الجائحة الوبائية أو ما يعرف باللغة الإنجليزية «pandemic» هو مصطلح يُطلق على الوباء المستجد سريع الانتشار حول العالم، من أشهرها في القرن العشرين وباء الإنفلونزا الإسبانية التي تشير أغلب الدراسات بأنه نشأ في ولاية كنساس بالولايات المتحدة الأمريكية في أواخر عام 1917، وعبر الوباء المحيط الأطلسي مع الجنود الأمريكيين الذاهبين لميادين القتال بالحرب العالمية الأولى في أوروبا عام 1918، وتفشى في خنادق الجبهة الغربية لأوروبا بين أطراف الجيوش المتصارعة، حيث أسقط الفيروس من الجنود أضعاف من سقطوا في الحرب التي بدأت عام 1914، وبعد انتهاء الحرب بنفس العام نشر الجنود العائدون لدولهم العدوى في معظم أنحاء أوروبا والعالم وذلك وفق ما صرح به جيمس هاريس، المؤرخ في جامعة ولاية أوهايو، لصحيفة «The Daily Star» البريطانية، كما أضاف بأن الموجة الوبائية الأولى لفيروس الأنفلونزا الاسبانية حصدت أرواح آلاف الأشخاص، ولكن سرعان ما عادت وقتلت الملايين في موجة وبائية ثانية نتيجة ظهور سلالة متحولة من الفيروس نفسه لديه القدرة على قتل الأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة في غضون 24 ساعة من ظهور أولى علامات الإصابة عليهم، حيث وصف الأطباء الذين أجروا عمليات تشريح لضحايا الموجة الوبائية الثانية من الأنفلونزا الإسبانية الضرر الجسيم الذي لحق بالرئتين بأنه أقرب إلى آثار الحرب الكيماوية.

في 29 يونيو 2020 أعلنت منظمة الصحة العالمية بأن وباء فيروس كورونا المستجد COVID-19 الذي ظهر في أواخر عام 2019 في مدينة ووهان بالصين وانتشر ولا يزال بشكل سريع في أنحاء العالم بأنه تحول إلى جائحة، على الرغم من استطاعة الكثير من دول العالم بعد معاناة بمنظومتها الصحية والاجتماعية والاقتصادية لشهور عديدة السيطرة على انتشاره وتقليل حالات الإصابات من خلال فرض إجراءات التباعد الاجتماعي بين السكان وارتداء الكمامات الواقية، والإغلاق الجزئي للأنشطة الاقتصادية والمنشآت الاجتماعية لمنع التجمعات، إضافة إلى تقييد حركة الدخول والخروج من كافة المنافذ الجوية والبرية والبحرية لضمان احتواء تفشي الوباء داخل أراضيها. إلا أنه وبعد وصول الاقتصاد العالمي لمرحلة الركود نتيجة سياسة الإغلاق التي اتخذتها الدول للسيطرة على تفشي الجائحة، ولعدم توفر لقاح فعال أو علاج ناجع للفيروس يكفي شعوب العالم، رضخت معظم الدول لمبدأ التعايش مع الوباء والذي تقوم بمقتضاه الحكومات على العودة التدريجية للحياة الطبيعية لما قبل الجائحة تاركة لأفراد مجتمعاتها مسؤولية الالتزام بالإجراءات الاحترازية للوقاية ولتجنب الإصابة بفيروس COVID-19 ونشر العدوى لغيرهم، وذلك من أجل استئناف النشاط الاقتصادي الذي توقف لمواجهة الجائحة .إلا أنه مؤخراً ظهرت موجة وبائية ثانية في معظم دول العالم نتيجة الإهمال والتراخي في اتباع الإجراءات الاحترازية، مثل نيوزلندا التي استطاعت البقاء 102 يوم من دون تسجيل إصابة بفيروس COVID-19، وتم مؤخراً تسجيل حالات إصابة محلية بالفيروس لا ترتبط بسلالة الفيروس نفسه الذي تم رصده في السابق على أراضيها، حيث لم تستطع السلطات النيوزلندية ربط تفشي الفيروس بالمسافرين القادمين من الخارج، ولكن لديهم تكهنات بإمكانية وصول الفيروس للبلاد عن طريق شحنة مستوردة من الخارج.

وفي دولة الإمارات العربية المتحدة التي قامت بالبدء بالعودة التدريجية للحياة الطبيعية لما قبل الجائحة الوبائية، تم الإعلان في شهر أغسطس  2020عن تسارع في زيادة أعداد المصابين بالفيروس منذ وصوله للدولة في نهاية شهر يناير 2020، وعليه أطلقت الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث حملة «نلتزم لِننتصر» في الصحف المحلية ووسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي من أجل حث المواطنين والمقيمين على أرض الدولة بضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية والوقائية من فيروس COVID-19 للحفاظ على ما تم إنجازه خلال الشهور الماضية في احتواء تفشي الجائحة داخل الدولة.

إقرأ المزيد