مجلة الأمن – العدد 554 – ابريل 2021م
لا تقاس حياة الدول بعدد السنوات على استقلالها؛ لأن حياة الأمم التي انشأتها كانت اكبر منها بقرون، فالدولة هي نتاج فكرة عقد مشترك من مجموعة من البشر يتقاسمون نفس اللغة أو الثقافة وربما نفس العرق، أو العنصر، أو الديانة، قاموا بإنشاء مؤسسات على أراضيهم لإدارتها من أجل حماية مصالحهم تحت إطارها، علماً بأن الدولة بمفهومها الحديث لم تتشكل إلا في القرن السابع عشر وذلك بعد توقيع الأوربيين لمعاهدة «Peace of Westphalia» عام 1648 والتي خلقت نظام تشكيل الدول ككيانات سياسية ذات سيادة معترف بحدودها من قبل الدول الأخرى، لذا كانت تلك الاتفاقية نواة لتأسيس النظام الدولي الذي بدأ في اوروبا وتوسّع ليشمل معظم دول العالم في القرن العشرين، فبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1945 زاد عدد الدول المسجلة في منظمة الأمم المتحدة من 51 دولة إلى 189 دولة بحلول نهاية القرن الماضي ومن ضمنهم دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي تاريخ 16 مارس 2021أعلن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، تسمية عام 2021 بعام الخمسين؛ وذلك للاحتفاء بذكرى اليوبيل الذهبي لتأسيس الدولة التي تشكلت من اتحاد 7 كيانات سياسية في كيان واحد، حيث استطاعت هذه الدولة بقيادة المغفور له بإذن الله تعالي، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، التخطيط على المستوى البعيد لمسيرة بنائها، وتنميتها، وتطويرها لتوفير الأمن والرخاء والرفاهية لشعبها، والحفاظ على مصالحها القومية من أجل البقاء على الساحة الدولية، حيث حققت الدولة بفضل رؤية الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، الوصول إلى مصاف الدولة المتقدمة بعد نصف قرن من الاستقلال، حيث كان لقراره بدمج جميع القوات المسلحة التابعة للإمارات الأعضاء في الاتحاد بقوة واحدة تابعة للدولة الاتحادية، وتنفيذ رؤيته بتوحيد الخطط الأمنية على مستوى القيادات العامة للشرطة في الدولة الأثر لتعزيز مكانتها كواحدة من أكثر الدول أماناً في العالم. علاوة على ذلك، أدى الاستثمار بإقامة العديد من المشاريع التنموية للدولة منذ تأسيسها كبناء منظومة صحية متطورة في كافة أنحائها إلى الحفاظ على صحة أفراد المجتمع، ووقايتهم من الأمراض، حيث أثبتت المنظومة الصحية الإماراتية كفاءتها مؤخراً في التعامل باحترافية تشهد لها منظمة الصحة العالمية مع جائحة فيروس «COVID-19» العالمية والسيطرة على انتشاره على أراضيها، ومد يد العون لباقي دول العالم لتقديم المساعدات الطبية لمكافحته، إضافة إلى أن الدولة قامت بتنفيذ رؤية مؤسسها ببناء وتشغيل محطات تعمل بالطاقة النووية السلمية لتوليد الكهرباء، وهو مشروع كان تم الإعلان عنه عام 1981، وتأجل تنفيذه لعدم استقرار منطقة الخليج العربي حينها، أخيراً، حققت حكومة دولة الإمارات طموح الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي صرَّح عنه في سبعينات القرن العشرين باستكشاف الفضاء، من أجل إدخال قطاع صناعة الفضاء ضمن القطاعات الحيوية التي تدعم الاقتصاد الوطني في المستقبل، حيث وصل «مسبار الأمل» الذي أطلقته الدولة إلى مدار كوكب المريخ لاستكشافه في 9 فبراير 2021 وذلك بعد خمسين عام على استقلالها.