مجلة الأمن – العدد 600 -أكتوبر 2021م
تعود فكرة إقامة أول معرض دولي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر إلى السير هنري كول والأمير ألبرت زوج الملكة فيكتوريا، ملكة المملكة المتحدة، والذي كان عصرها حسب المؤرخين هو عصر الثورة الصناعية الأولى، الذي تم الاعتماد فيه على الآلات البخارية في الإنتاج بعد أن كان الإنتاج منصب على الجهود البشرية، حيث تم إقامة المعرض في لندن عام 1851، بمشاركة 25 دولة، تحت شعار «المعرض العظيم لمنتجات الصناعة من دول العالم»، وتم عرض أحدث الاختراعات التي توصلت إليها تلك الدول في المعرض الذي استمر لمدة 5 أشهر، من المحركات البخارية الضخمة إلى أحدث المجاهر الطبية «medical microscopes»، حيث عرض المعرض لأول مره للعالم حقيقة أن التكنولوجيا قد تُغير حياة المجتمعات للأفضل في المستقبل.
في السنوات اللاحقة للمعرض الأول تم تنظيم اقامة المعارض الدولية من خلال خلق منظمة حكومية دولية مسؤولة عن الإشراف عليها وهي «المكتب الدولي للمعارض»، وأصبحت معارض إكسبو الدولية تقام كل 5 سنوات في دولة مختلفة وتستمر لمدة لا تتجاوز 6 أشهر. وفي عام 2013 فازت إمارة دبي باستضافة معرض إكسبو الدولي 2020، لتصبح أول مدينة في الشرق الأوسط تستضيف المعرض الدولي الذي يمتد تاريخه إلى 170عام، إلا إنه بعد تحول وباء فيروس كورونا المستجد «COVID-19» الذي ظهر في الصين في أواخر عام 2019الى جائحة عالمية في بدايات عام 2020 تدهورت صناعة المعارض الدولية، وذلك وفق تقرير للرابطة العالمية لصناعة المعارض الذي أكد انخفاض إيرادات صناعة المعارض على مستوى العالم بنسبة 68٪ في عام 2020، مقارنة بعام 2019، نظراً لقيود السفر وسياسة الإغلاق في معظم دول العالم من أجل احتواء انتشار الفيروس على أراضيها، لذا تم تأجيل معرض إكسبو 2020 دبي من قبل غالبية الدول الأعضاء في المكتب الدولي للمعارض لمدة عام، من أجل السماح للدول المشاركة في المعرض للتعافي من التداعيات الاقتصادية والصحية والاجتماعية للجائحة العالمية.
في الواقع، معرض إكسبو 2020 دبي يمثل فرصة ليست لدولة الإمارات العربية المتحدة فقط، وإنما فرصة لجميع الدول المشاركة فيه لدفع عجلة اقتصاداتهم، حيث الدولة تحتضن هذا الحدث في عصر الثورة الصناعية الرابعة، التي يتم من خلالها توظيف التكنولوجيا الحديثة الناشئة كالذكاء الاصطناعي، وأنترنت الأشياء، ، والروبوتات، والقيادة الذاتية، والطباعة الثلاثية الأبعاد، والبلوك تشين، لتحسين كفاءة الإنتاج والأعمال والمؤسسات بشكل جذري، وسيتم من خلال المعرض عرض أحدث الاختراعات والابتكارات في هذا المجال من قبل المشاركين في الحدث، لذا فإن استضافة دولة الإمارات لهذا الحدث ستكون علامة فارقة في تاريخ معارض إكسبو الدولية، حيث أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على ذلك حيث صرح «بأننا وعدنا العالم بأن يكون إكسبو 2020 دبي أفضل إكسبو في العالم»، وعليه أقدمت الدول المشاركة في المعرض على استثمار الملايين لتجهيز أجنحتها في مقر الحدث، مثل نيوزلندا التي قامت باستثمار ما يقل عن 40 مليون دولار أمريكي لبناء وتجهيز جناحها في المعرض، وهو استثمار مكلف في الوقت الذي يصارع فيه العالم الانكماش الاقتصادي، وذلك لأن الحكومة النيوزلندية على يقين أنه في عالم ما بعد «COVID-19» ستتاح لهم الفرصة من خلال هذا المعرض لإعادة التواصل مع العالم لتحريك عجلة اقتصادهم، فمن خلال جناحهم في المعرض يقومون بإبراز ثقافة شعبهم، وتسليط الضوء على الوجهات السياحية والشركات التجارية والفرص الاستثمارية في الدولة النيوزلندية، كما يعرض الجناح جانب من مواهب مواطنيهم، ومنتجاتهم الوطنية، وابتكاراتهم التي قد تغير من وجه العالم للأفضل، وهذا هو الحال مع باقي أجنحة دول العالم الأخرى في المعرض، لذا كان شعار الحدث هو «تواصل العقول وصنع المستقبل».