الشيخ محمد بن زايد آل نهيان .. الرؤية والمستقبل

بـ almualladev

مجلة الأمن – العدد 608 – يونيو 2022م

في تاريخ الـ 13 من مايو 2022 أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن وفاة رئيسها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، بعد مسيرة امتدت  56 عاماً  في خدمة الوطن والمواطنين، وفي اليوم الثاني انتخب أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، رئيساً للدولة.

في عام 1979 تم إسناد أول منصب لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان من قبل المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وذلك بعد تخرجه من كلية ساندهيرست العسكرية الملكية في بريطانيا، حيث تم تعيينه ضابطاً في القوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة برتبة ملازم، وتدرج في الرتب والمناصب بالقوات المسلحة إلى أن وصل لمنصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث كان، ولا يزال، يعمل على تطوير أداء وقدرات القوات المسلحة الإماراتية بكافة فروعها الجوية والبرية والبحرية للدفاع عن الدولة الاتحادية ومصالحها القومية. حيث صرح مايكل جوردون وبرنارد ترينورفي كتابهم «The Generals’ War» بأن الدولة الوحيدة التي كانت مستعدة لمواجهة تهديدات نظام صدام حسين قبل قيامه بغزو الكويت عام 1990 هي دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث طلب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس أركان القوات المسلحة الإماراتية في حينه، من الولايات المتحدة الأمريكية تجهيز القوات المسلحة الإماراتية بأسلحة وأنظمة دفاعية متطورة، للاستعداد لمواجهة تهديدات النظام العراقي لدول الخليج العربي في ذلك الوقت، وعليه أبلغت الولايات المتحدة بعض دول المنطقة إذا كانوا بحاجة للحصول على تلك الأسلحة والأنظمة الدفاعية، فأفادوا بعدم الحاجة إليها، لأنه لا يوجد خطر من نظام صدام حسين قد يهدد بقاءهم على الساحة الدولية، وبعد الثاني من أغسطس 1990 طلبت بقية دول المنطقة المساعدات العسكرية من الولايات المتحدة الأمريكية بعد تبيان مدى سداد رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

وبعد تولي المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، منصب حاكم إمارة أبوظبي، وانتخاب أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات له لمنصب رئاسة الدولة عام 2004، تولى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، منصب ولي عهد إمارة أبوظبي، ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ورئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، وتولى العديد من الملفات الحيوية لإمارة أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، عمل سموه في ملف الاقتصاد على الاستثمار في مشاريع أسهمت في خلق اقتصاد مستدام لدولة الإمارات، كالاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة. وفي ملف التعليم استطاع سموه أن يحدث نهضة شاملة في التعليم في إمارة أبوظبي، واستقطاب العديد من الجامعات العالمية لفتح فروع لها في الدولة كجامعة السوربون الفرنسية، التي تعتبر من أقدم وأرقى جامعات العالم. وفي الملف الصحي، استطاعت دولة الإمارات احتواء تفشي فيروس «COVID-19» داخل أراضيها من خلال توجيهات سموه لدائرة الصحة في إمارة أبوظبي بإنشاء مراكز للمسح الوطني ومستشفيات ميدانية في كافة إمارات الدولة، من أجل الكشف المبكر عن الحالات المصابة بالفيروس من المواطنين والمقيمين، لعلاجهم وعزلهم لمنع انتشار الفيروس عن بقية أفراد المجتمع، وبعد انتاج اللقاحات المضادة  للفيروس، أمر سموه بتوفير التطعيم المجاني لكافة المواطنين والمقيمين في مراكز المسح والمستشفيات الميدانية التابعة لدائرة الصحة المنتشرة في جميع  أنحاء الدولة. وفي ملف الطاقة تولى سموه الإشراف المباشر على تنفيذ مشروع محطات براكة للطاقة النووية السلمية لتوليد الكهرباء من أجل تعزيز أمن الطاقة في الدولة، في وقت شكك الكثير في جدوى استخدام الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء بسبب قيام العديد من دول أوروبا والولايات المتحدة بتفكيك محطاتها القديمة، بعد كارثة انفجار محطة «فوكوشيما دايتشي» النووية في اليابان عام 2011، إلا أنه بسبب تبعات الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار النفط والمحروقات نتيجة زيادة الطلب وقلة العرض، اضطرت تلك الدول للعودة لبناء محطات طاقة نووية جديدة، وصيانة المحطات القديمة كالولايات المتحدة الأمريكية التي خصصت مؤخراً مبالغ تقدر من 20 إلى 25 مليار دولار للحفاظ على تشغيل 94 مفاعلاً نووياً لديها.

وعليه، فإن تولي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، مسؤولية رئاسة دولة الإمارات هي حقبة جديدة لمسيرتها التي امتدت لخمسين عاماً، حيث أصبحت بعد نصف قرن في مصاف الدول المتقدمة نتيجة العمل على رؤية مؤسسها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وفي  الخمسين عاماً القادمة ستمضي الدولة على رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نحو مستقبل مزهر لأجيالها القادمة بإذن الله.

إقرأ المزيد