مجلة الأمن – العدد 542 – مارس 2020م
في تاريخ 15 سبتمبر 1981 أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن نيتها الإستعانة بالطاقة النووية
لإنتاج الطاقة الكهربائية، وذلك بعد إجراء دراسة حول الحاجة لتنويع مصادر الطاقة المنتجة
للكهرباء التي كانت تعتمد على النفط والغاز الطبيعي والفحم الحجري وإدراج محطات
لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية والطاقة المتجددة ضمن هذه المصادر، وذلك من أجل تقليص
استهلاك حرق المشتقات النفطية لتوليد الكهرباء وتصدير الفائض منها للخارج
للاستفادة من عوائدها المادية على اقتصاد الدولة. كما اقترحت الدراسة إنشاء هيئة
أو إدارة تشرف على شؤون الطاقة المتجددة والطاقة النووية بالدولة وتأهيل كوادر
إماراتية للإشراف على تشغيل محطات توليد الكهرباء بالطاقة النووية نظراً لأن إنشاء
تلك المحطات يستغرق حوالي 10 سنوات وهي كفيلة بتجهيز تلك الكوادر لإدارتها.[1] ونظراً
لعدم استقرار منطقة الخليج العربي آنذاك نتيجة الحرب العراقية الإيرانية وما تبعها
من غزو للكويت وحرب
لتحريرها في عام 1991 وتغير بُنية
النظام الدولي نتيجة انتهاء الحرب الباردة في نفس العام، توقف العمل مؤقتاً بمشروع
البرنامج النووي السلمي الإماراتي.
إلا أنه في عام 2006 تم إعادة فتح هذا الملف من قبل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، حيث أمر بإجراء دراسة حول تقييم الطاقة في دولة الإمارات، وتوصلت النتائج بأن الطلب على الكهرباء في الدولة يرتفع بنسبة 9% سنوياً، حيث ستصل الحاجة للطاقة الكهربائية إلى أكثر من 40 ألف ميغاواط بحلول عام 2020. وعليه كان لا بد من العودة لتوصيات الدراسة السابقة التي أجريت في ثمانينات القرن العشرين والعمل على تنويع مصادر توليد الطاقة الكهربائية وخلق مؤسسة تعمل على تنظيم وترخيص جميع النشاطات المتعلقة بالطاقة النووية داخل الدولة لأجل بناء بنية تحتية آمنة على المدى الطويل للأجيال الإماراتية القادمة تلبي احتياجاتهم من الطاقة الكهربائية وتعمل بسواعدهم لضمان الحفاظ على أمن الطاقة بدولتهم في المستقبل.
لذلك اتخذت دولة الإمارات المضي قُدماً في مشروع الطاقة النووية السلمية، فتم في عام 2009 تأسيس الهيئة الاتحادية للرقابة النووية لتولى مسؤولية التنظيم والترخيص والإشراف والرقابة على جميع النشاطات المتعلقة بالطاقة النووية داخل الدولة، كما وافقت الهيئة في عام 2010 على طلبات التراخيص التي قدمتها مؤسسة الإمارات للطاقة النووية للأعمال الأولية والتحضيرية لبناء محطات براكة للطاقة النووية السلمية في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي، حيث تحتوي المحطات الأربع على مفاعلات نووية من الجيل الثالث من نوع «مفاعلات الطاقة المتقدمة» التي تتمتع بأعلى المعايير الدولية في السلامة والأمان والأداء التشغيلي، حيث تم التعاقد مع الشركة الكورية للطاقة الكهربائية (KEPCO) كمقاول رئيسي للمشروع من مرحلة التخطيط ومروراً بمرحلة الإنشاء ووصولاً إلى دعم المرحلة التشغيلية للمحطات التي ستصل حين تشغيلها مجتمعة إلى نحو 5600 ميغاواط من الكهرباء. وفي 17 فبراير 2020 أعلنت الهيئة الاتحادية للرقابة النووية أنها أصدرت رخصة تشغيل الوحدة الأولى بمحطة براكة للطاقة النووية لصالح شركة نواة للطاقة، الذراع التشغيلية لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية، التي حرصت على تطوير كفاءات إماراتية متخصصة، قادرة على ضمان الالتزام بأعلى معايير السلامة العالمية في كل مراحل المحطات من الإنشاءات إلى الاختبارات ومن ثم المرحلة التشغيلية التي ستمتد لنحو ستون عاماً، حيث بلغت نسبة التوطين في مؤسسة الإمارات للطاقة النووية حوالي 60% من إجمالي عدد الموظفين. لذا صرح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولى عهد أبوظبى نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بأن إصدار رخصة تشغيل أولى محطات براكة للطاقة النووية السلمية تزيد من قوة ومتانة المرحلة الجديدة من الحراك التنموي في مسيرة نهضة دولة الإمارات للخمسين سنة القادمة «والقوة الأكبر هي الكفاءات الوطنية التى نفخر بها».
[1] فتحي سلمي، «الطاقة النووية في الإمارات: جهود مكثفة لإدخال التكنولوجيا الحديثة واستخدام مصادر جديدة للطاقة بالدولة»، صحيفة الاتحاد، 15 سبتمبر 1981.