استراتيجية مواجهة وباء فيروس كورونا المستجد في دولة الإمارات

بـ almualladev

مجلة الأمن – العدد 545 – يوليو 2020م

الاستراتيجية هي الجسر الذي يربط القوة بالمصلحة القومية للدولة والتي تأتي على رأس أولوياتها البقاء على الساحة الدولية، حيث أن القوة من العناصر الأساسية لقيام الدول وضمان استمراريتها في الحياة كما عبر عن ذلك المُفكر نيكولو مكيافيلي في كتابه الأمير، حيث يتجاوز مفهوم القوة الجانب العسكري للدول ليشمل جوانب أخري لديها كالقوة الاقتصادية والدبلوماسية، ويتم من خلال الاستراتيجية رسم رؤية شاملة لكيفية استخدام مصادر القوة لخدمة المصالح القومية.

في فترة ما قبل الميلاد صرَّح Sun Tzu في كتابه The Art of War بأن إعاقة خطط العدو بواسطة الهجوم المضاد يعتبر أعلى درجات البراعة العسكرية،[١] حيث استنبط صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، هذا الأسلوب في الاستراتيجية التي رسمها لمواجهة فيروس كورنا المستجد COVID-19 على أرض الدولة وخارج حدودها، حيث عبر في السابق عن اعجابه بهذه الاستراتيجية الدفاعية في كلمته التي ألقاها في الدورة الأولى من »مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل« بتاريخ 8  مارس 2017 وصرح بإمكانية تطبيقها على التهديدات التي تمس الأمن القومي للدول، حيث أمر سموه دائرة الصحة في إمارة أبوظبي في بدايات أزمة تفشي الوباء في العالم ووصوله للدولة بإنشاء مراكز للمسح الوطني في كافة إمارات الدولة من أجل الكشف المبكر على الحالات المصابة بالفيروس من المواطنين والمقيمين لعلاجهم وعزلهم حتى تماثلهم للشفاء، وتتبع المخالطين لهم من أجل وقف انتشاره في المجتمع، حيث أن القضاء على انتشار الفيروس في ظل عدم وجود لقاح لا يتم إلا من خلال محاصرته في أجسام المصابين به للقضاء عليه قبل هجومه على أجسام الآخرين. كما وجه سموه بإرسال المساعدات الطبية لبعض دول العالم من أجل دعم جهودهم لمكافحة الوباء، حيث وصلت تلك المساعدات حتى الآن إلى 68 دولة وبلغ إجمالي حجمها ما يقارب من ألف طن من المستلزمات الطبية، بالإضافة إلى أن دولة الإمارات بتوجيهات من سموه قامت بإجلاء المئات من رعايا بعض الدول العالقين خارج بلدانهم نتيجة إغلاق الدول المتواجدين عليها حدودها البرية والبحرية ومجالاتها الجوية لاحتواء تفشي الوباء داخل أراضيها، حيث قامت الدولة باستضافتهم وإعادتهم إلى دولهم. علاوة على ذلك تشارك دولة الإمارات في دعم الجهود الدولية لمكافحة الوباء من خلال ابتكار أحدث الطرق العلاجية لتسريع عملية شفاء المرضى المصابين بالفيروس بدون أضرار جانبية، حيث اكتشف مركز أبوظبي للخلايا الجذعية علاج يساعد على التعافي من المرض بمعدل أسرع عن العلاج التقليدي، كما تشارك دائرة الصحة في أبوظبي بالمرحلة الثالثة للتجارب السريرية لتطوير لقاح محتمل للفيروس مع شركائهم على أرض الدولة.

في الواقع، من خلال هذه الاستراتيجية استطاعت دولة الإمارات أن تحد من انتشار الوباء داخل أراضيها وأن تدعم المجتمع الدولي لمكافحته، حيث يبلغ عدد الفحوصات اليومية داخل الدولة للكشف عن الفيروس حالياً أكثر من 58 ألف فحص، ويتم من خلالها اكتشاف حالات إصابات جديدة بالفيروس كل يوم، الأمر الذي ساهم ولا يزال في تسريع عملية شفاء المرضى واحتواء تفشي الفيروس في المجتمع. لذا أشاد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بالمواقف المحلية والعالمية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في تعامله مع أزمة وباء فيروس كورنا المستجد COVID-19، حيث صرح بأنها ستظل مسطرة في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة وفي العالم بأسره.


 Sun Tzu, The Art of War, (Mineola, New York: ixia Press, 2019), p. 37 [١]

إقرأ المزيد